مقال يهمك
2010/11/16
باتا.............
حذاء باتا كان من اشهر اسماء الاحذية ويرجع اسمه الى رجل الصناعة التشيكي توماس باتا الذي قاد اكبر امبراطورية للاحذية في العالم ..وكانت شركته تدير مصانع كثيرة فيالعديد من الدول.وقد انتقل مقر الشركة من تشيكو سلوفاكيا بعد التاميم .. الى بريطانيا .وقد عاد توماس باتا بعد سقوط الشيوعية الى سلوفاكيا وسط استقبالات كبيروحاره وهتافات المواطنين واعاد تشغيل مصنع احذية باتا واستخدم الاف العمال .وفتح اكثر من مائة متجر .
وباتا هي شركة عالمية تمتاز منتجاتها بالجودة والمتانة حتى أن حذاء باتا صار مضرباً للأمثال وقد أقترن مع ( الكَرته ) التي تعطى مع كل حذاء لتسهيل عملية ارتداءه وذلك لقوة جلده ، وكانت اناقتنا لاتكتمل إلا مع حذاء باتا ، وكم كان يغرينا لمعان حذاء المعلم هو يروح ويجئ داخل الصف ، عندما كانت أناقة المعلم ضرورة قصوى ، وهي لاتكتمل إلا بثلاث أشياء ( قميص من شركة الفا ..وبنطلون من كاسكا ..وحذاء من باتا ) ، وهكذا دخلت شركة باتا تواريخنا وذكرياتها من أوسع الأبواب ، بعدما كانت واجهاتها الزجاجية الفخمة وأتكيت الأستقبال تغري المتأنقون .أما الفقراء فلم يكن لهم مع باتا ومنتجاتها حظ ومودة ،فقد كان الحذاء البلاستكي ( والنعال ) أبو الأصبع مهيمن على اقدامنا حتى في أيام ( الجِحيل ) وتعني الأيام الأكثر برودة. وكانت كل الشركات تعلن تنزيلاتها الموسمية إلا شركة باتا ،فقد كان لحذائها عنجهية ( ابو ناجي ) وهو مايطلق على المستعمر ، لأنها متأكدة من جودة بضاعتها وحاجة المتأنقين والبخلاء اليها لأن حذاءها ( يَكُدْ ) أي يعمر لسنوات. لهذا كان الصحفي العراقي الشهير ( حبزبوز) يقول ايام الملكية :مجلس النواب لايفتتح جلساته إلا على وقع احذية باتا. وأن تغير الأمر في عصر العولمة فصارت المؤتمرات الصحفية لاتنعقد إلا على وقع احذية باتا ، كما حدث في المؤتمر الأخير للرئيس بوش في زيارته الوداعية للعراق ..وياله من وداع وليته لم يتم ..!ربما يتذكر الناس كيف كان حذاء باتا يملأ نشرات الأخبار في بعض المناسبات ، ودائما يرتبط بفضيحة وبقصة مدهشة ولكن ليس مثل قصة حذاء السندريلا ..لأن في حكاية السندريلا يرتبط الحذاء بقصة رومانسية وعشق مامثله عشق ..ولكن الأمر مختلف مع حذاء باتا ، فلقد كان خروتشوف الرئيس الروسي السابق يوصي دائماً على حذاء باتا ، وكانت قدماه فخمتان ولذلك كان قياسه ( 44 ) ، وكان يمزح دائماً أن هذا الحذاء المتين مثل السلاح الشخصي له فائدة كبيرة غير حماية الأقدام من الصقيع الروسي ، ولم يكن مستشاروه يتوقعون أن يستخدمه خروتشوف ليسكت فيه العالم كله يوم ضربه على منصة الامم المتحدة بعد أن شعر بأن ثمة ضوضاء في القاعة عندما كان يلقي خطابه في فورة الصراع الروسي الامريكي أيام أزمة الصواريخ التي نصبها الروس على الاراضي الكوبية بعد عملية خليج الخنازير ، وقد استخدم خروتشوف الحذاء لأنه لم يكن يمتلك مطرقة القضاة ليُسكت فيها الجالسين ، وهكذا دخلت باتا اوسع ابواب السياسة وصار بريقها يلمع مع بريق الحروب النووية ، ولم يكن العالم ينتظر حدثا مشابها فلقد تغيرت اشكال الاحتجاج والتهدئة ورد الفعل ، إذ حل البيض الفاسد والبطاطا والخضار محل حذاء باتا في محاولة البعض الاستنكار بوجه المسؤولين ،وكان جميع من يرمى بالبيض الفاسد من وزراء ورؤوساء ،لايفعلون شيئا سوى اخراج مناديلهم البيض ومسح بدلاتهم ويمر الامر بهدوء ، فالديمقراطية تبيح في فورتها مثل هكذا عنفوان .لكن مشهد حذاء باتا تكرر ثانية وبذات الصورة العاصفة التي فعلها المرحوم خروتشوف عندما رمى صحفي عراقي الرئيس بوش في مؤتمره الصحفي في العراق وقال له : خذ هذه هدية الوداع الأخير.