يفاجأ المرء أحيانا بشاب مصرى يتصل به ليناقشه فى قضايا فلسفية أو سياسية أو أخلاقية ولا يعرف من أين جاء مثل هذا النوع الراقى من الشباب فى زمن الانشغال الرهيب الذى يعيشه المصريون، والحقيقة أنه لا بد من رفع القبعة احتراما لهؤلاء الشباب ولقدرتهم على الخروج عن الدائرة الجهنمية لانشغال الإنسان المصرى فيما يفيد وما لا يفيد. فالإنسان المصرى فعلا مشغول لأقصى درجة. ولنأخذ ملمحا من حياة المصريين اليومية. فهناك قطاع من المصريين مشغول فى الطوابير (الخبز والمواصلات وأنابيب الغاز والرخصة وغيرها كثير).وقطاع آخر مشغول بالرغى فى التليفون «والتشات» على النت والاطمئنان على مواقع اللهو والترفيه.وقطاع آخر مشغول بالأستاذ شيكابالا والأستاذ جدو والأستاذ شيتوس ويتابع أخبارهم داعيا لهم بأن يوفقهم الله جميعا لنصرة هذا الوطن الذى يحتاج لنضالهم فى ملاعبنا. وقطاع آخر مشغول بصراعات الأساتذة المغنيين المصريين منهم واللبنانيين... لدرجة أن أحد أقاربى قال أمامى إن شريط فلان الفلانى سينزل على النت الساعة الثامنة مساء بعد أسبوع. ولأننى لم أعتد من قريبى هذا كل هذه الدقة فى الاهتمام بأى شىء فقد لفت نظرى جدا التوقيت والحرص على إعلانه بشىء من الفخر وكأن «الدال على الخير كفاعله» فتبين لى أن جزءا من القضية هو «رضا المجموع» عن الفرد. فهو يريد أن يجارى الشلة فى اهتماماتها حتى يبدو عضوا فاعلا فيها.قطاع آخر مشغول بالشيشة والحشيشة والبانجو.. وتجد أحدهم يهرول مسرعا بسيارته وكأنه طبيب يهم لانقاذ مريض ثم نكتشف أنه يجرى كى يقعد على القهوة 3 أو 4 ساعات يقضيها فى سيرة الناس.. مستعجل بلا قضية..قطاع آخر مشغول بالأستاذ الداعية حسن حوكشة وكتيبة النضال فى الفضائيات وحصريا على موقع حسن حوكشة دوت نت ليحكوا لنا الحواديت الجميلة عن الماضى الرائع الذى كان يعيشه أجدادنا..قطاع آخر مشغول بالامتحانات والتوقعات المرئية والدروس الخصوصية ومراجعة ليلة الامتحان..ثم يحدث تبادل مواقع بين الذين كانوا يستمعون للأستاذة المغنية فلانة الفلانية فلابد لهم من الدخول على موقع الداعية حسن حوكشة دوت نت علشان يخدم الإسلام فى وقت فراغه.وهكذا.. بعد هذا الجدول المزدحم بالأشغال كيف لهم أن يفكروا فى القراءة والعلم والمعرفة والتثقيف؟.بالمناسبة، مدير الجامعة التى أعمل بها فى الولايات المتحدة أرسل لنا توصية قبل بداية السنة الدراسية بأن نزيد عدد الكتب التى يقرأها طلابنا فى المقررات الدراسية؛ لأن متوسط عدد الكتب التى يقرأها الطالب فى المقرر الواحد حاليا ثلاثة كتب، والهدف أن نصل إلى خمسة كتب فى أقرب وقت.
مقال يهمك
2010/09/29
المصريون مشغولون..معتز بالله عبد الفتاح
يفاجأ المرء أحيانا بشاب مصرى يتصل به ليناقشه فى قضايا فلسفية أو سياسية أو أخلاقية ولا يعرف من أين جاء مثل هذا النوع الراقى من الشباب فى زمن الانشغال الرهيب الذى يعيشه المصريون، والحقيقة أنه لا بد من رفع القبعة احتراما لهؤلاء الشباب ولقدرتهم على الخروج عن الدائرة الجهنمية لانشغال الإنسان المصرى فيما يفيد وما لا يفيد. فالإنسان المصرى فعلا مشغول لأقصى درجة. ولنأخذ ملمحا من حياة المصريين اليومية. فهناك قطاع من المصريين مشغول فى الطوابير (الخبز والمواصلات وأنابيب الغاز والرخصة وغيرها كثير).وقطاع آخر مشغول بالرغى فى التليفون «والتشات» على النت والاطمئنان على مواقع اللهو والترفيه.وقطاع آخر مشغول بالأستاذ شيكابالا والأستاذ جدو والأستاذ شيتوس ويتابع أخبارهم داعيا لهم بأن يوفقهم الله جميعا لنصرة هذا الوطن الذى يحتاج لنضالهم فى ملاعبنا. وقطاع آخر مشغول بصراعات الأساتذة المغنيين المصريين منهم واللبنانيين... لدرجة أن أحد أقاربى قال أمامى إن شريط فلان الفلانى سينزل على النت الساعة الثامنة مساء بعد أسبوع. ولأننى لم أعتد من قريبى هذا كل هذه الدقة فى الاهتمام بأى شىء فقد لفت نظرى جدا التوقيت والحرص على إعلانه بشىء من الفخر وكأن «الدال على الخير كفاعله» فتبين لى أن جزءا من القضية هو «رضا المجموع» عن الفرد. فهو يريد أن يجارى الشلة فى اهتماماتها حتى يبدو عضوا فاعلا فيها.قطاع آخر مشغول بالشيشة والحشيشة والبانجو.. وتجد أحدهم يهرول مسرعا بسيارته وكأنه طبيب يهم لانقاذ مريض ثم نكتشف أنه يجرى كى يقعد على القهوة 3 أو 4 ساعات يقضيها فى سيرة الناس.. مستعجل بلا قضية..قطاع آخر مشغول بالأستاذ الداعية حسن حوكشة وكتيبة النضال فى الفضائيات وحصريا على موقع حسن حوكشة دوت نت ليحكوا لنا الحواديت الجميلة عن الماضى الرائع الذى كان يعيشه أجدادنا..قطاع آخر مشغول بالامتحانات والتوقعات المرئية والدروس الخصوصية ومراجعة ليلة الامتحان..ثم يحدث تبادل مواقع بين الذين كانوا يستمعون للأستاذة المغنية فلانة الفلانية فلابد لهم من الدخول على موقع الداعية حسن حوكشة دوت نت علشان يخدم الإسلام فى وقت فراغه.وهكذا.. بعد هذا الجدول المزدحم بالأشغال كيف لهم أن يفكروا فى القراءة والعلم والمعرفة والتثقيف؟.بالمناسبة، مدير الجامعة التى أعمل بها فى الولايات المتحدة أرسل لنا توصية قبل بداية السنة الدراسية بأن نزيد عدد الكتب التى يقرأها طلابنا فى المقررات الدراسية؛ لأن متوسط عدد الكتب التى يقرأها الطالب فى المقرر الواحد حاليا ثلاثة كتب، والهدف أن نصل إلى خمسة كتب فى أقرب وقت.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مدونتي صديقتي
أنا انثي لاأنحني كــي ألتقط ماسقط من عيني أبــــدا