مقال يهمك
2010/12/31
قراءة الكف علم ام دجل
2010/12/27
بعض طرائف الفلاسفه
نيوتن
جلس نيوتن يوما بجوار احدى السيدات في مأدبة عشاء اقيمت تكريما له , وفجاة سألتة السيدة :(( قل لي يا مستر نيوتن , كيف استطعت ان تصل الى اكتشافك هذا ؟))وقال العالم الكبير في هدوءالمسالة في غاية البساطة ..لقد كنت اقضي جانبا من وقتي كل يوم افكر في هذة الظاهرة الغريبة التي تدفع الاشياء الى السقوط على الارض .. ان التفكير وحدة ياسيدتي هو الذي هداني في النهاية الى هذا الاكتشاف. وقالت السيدة : ( ولكنني اقضي ساعات طويلة من يومي افكر وافكر وبالرغم من ذلك لم استطع ان اكتشف شيئاً)وقال نيوتن يسألها : ( وفيم كنت تفكرين ياسيدتي ).قالت في زوجي الذي هجرني , وانفصل عني بالطلاق!)نيوتن وهل كنت تفكرين في زوجك بعد الطلاق ام قبله؟)قالت بعد طلاقنا طبعاً !)وهنا نظر اليها العالم الكبير وقال : ( لو ان تفكيرك في زوجك يا سيدتي كان قبل الطلاق ,لاستطعت ان تكتشفي انت قانوناً للجاذبية من نوع اخـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــر...)
سقراط
عندما سأله طالب عن الزواجقال سقراط :طبعاً تزوج لأنك لو رزقت بامرأة طيبة أصبحت سعيداً، ولو رزقت بامرأة شقية ستصبح فيلسوفاً.- فلم تكن زوجة سقراط طيبة - لو كانت كذلك… لما أصبح فيلسوفاً …- إذا كانت نصيحته من واقع تجربة …لقد أخذت زوجته بالصراخ عليه يوماًعندما لم يعرها انتباه، قذفته بالماءفقال لها ببرود: ما زلت ترعدين وتبرقين حتى أمطرتِ
بيكاسو
ذات ليله عاد الرسام المشهور بيكاسو الى بيته ومعه احد الاصدقاء فوجد الاثاث مبعثرا والادراج محطمة وجميع الدلائل تشيرالى ان اللصوص اقتحموا البيت في غياب صاحبه وسرقوه.وعندما عرف بيكاسو ماهي المسروقات ظهر عليه الضيق والغضب الشديد .سأله صديقه:هل سرقوا شيئا مهمااجاب الفنان.....كلا لم يسرقوا غير أغطية الفراشفقال الصديق في دهشة:اذن لماذا انت غاضب ؟؟اجاب بيكاسو وهو يحس بكبريائه وقد جرح:يغضبني ان هـولاء الاغبياء لم يسرقوا شيئا من لوحاتي
اسكندر ديماس
ذهب كاتب شاب الى الروائي الفرنسي المشهور اسكندر ديماس مؤلف رواية الفرسان الثلاثه وغيرها. وعرض عليه أن يتعاونا معا في كتابة احدى القصص. وفي الحال اجابه (ديماس) في سخرية وكبرياء : ((كيــــــف يمكن ان يتعاون حصان وحمار في جر عربة واحدة)).على الفور رد عليه الشاب: ((هـذه اهانه يا سيدي كيف تسمح لنفسك ان تصفني بانني حصان))
اينشتاين
كان أينشتاين لا يستغني أبدا عن نظارته ......وذهب ذات مرة إلى أحد المطاعم ،واكتشف هناك أن نظارته ليست معه.فلما أتاه ((الجرسون )) بقائمة الطعام ليقرأها ويختار منها ما يريد، طلب منه أينشتين أن يقرأها له.فاعتذر الجرسون قائلا ( إنني آسف يا سيدي ، فأنا أمّي جاهل مثلك)).
مارك توين
كان الكاتب الأمريكي مارك توين مغرما بالراحة ،حتى أنه كان يمارس الكتابة والقراءة وهو نائم في سريره ، وقلما كان يخرج من غرفة نومه.وذات يوم جاء أحد الصحفيين لمقابلته ، وعندما أخبرته زوجته بذلك قال لها : ( دعيه يدخل )) .....غير أن الزوجة اعترضت قائلة :((هذا لا يليق ..... هل ستدعه يقف بينما أنت نائم في الفراش)) ؟فأجابها (( مارك توين )) :((عندك حق ، هذا لا يليق اطلبي من الخادمة أن تعد له فراشا آخر)).
2010/12/21
أبوحصيرة يهزم السيادة الوطنية /وائل قنديل
ما رأى حراس معبد الوطنية الذين رفضوا كل أنواع الرقابة على الانتخابات بحجة أنها تمس السيادة وتهين الكرامة الوطنية فى فكرة إلغاء مولد أبوحصيرة المزعوم هذا العام؟
أغلب الظن أن خطوة كهذه من شأنها أن تنقل الكلام عن السيادة من منطقة الطنين الأجوف لزوم تقفيل الانتخابات، وقطع الطريق أمام كل من يطالب بشفافية ونزاهة تضمنها مراقبة عملية التصويت والفرز، إلى سلوك وممارسة فعلية تثبت أن الحكومة لا تتعامل مع مفهوم سيادتها بالقطعة، أو الكيل بمكيالين، من خلال تعاطى كبسولات السيادة فى موقف محدد، وإلقاء العلبة كاملة من النافذة فى مواقف أخرى.والحاصل أننا نمتلك مفهوما للسيادة من نوعية «منه فيه» بمعنى أنها تتمدد وتتوسع وتتعملق أحيانا، وتنكمش وتضيق وتتضاءل فى أحيان أخرى، وكل وقت وله حجته، فمرة يتحدثون عن الكرامة والتصدى لأى تدخل دولى فى شئون السيادة، وأخرى يقولون إن العالم قرية صغيرة، وإن العولمة لها متطلبات وقوانين ومصائر حتمية لا يمكن لأحد الفكاك منها.وفى ظل هذه المرونة والليونة نتمنى أن يبقى حبل السيادة مشدودا فيما يتعلق بتدفق قطعان الصهاينة على ضريح أبوحصيرة المزعوم فى قرية دميتوه بالبحيرة، فالثابت أن لدينا حكما قضائيا صادرا من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء المولد وأيضا إلغاء قرار وزير الثقافة فاروق حسنى باعتباره أثرا.غير أن أحدا لم يحترم الحكم وتوافدت قوافل الصهاينة على المكان فى أواخر ديسمبر من كل عام، فى تحد صارخ لأحكام القضاء المصرى، واستفزاز شديد الانحطاط لمشاعر الشعب المصرى.والمفترض نظريا أن الحكومة المصرية هذه الأيام تحديدا أعلنت ضمنيا فى إطار الاجتماع الأخير للجنة المتابعة فى جامعة الدول العربية أنها وضعت يديها فى الشق أمام التعنت الإسرائيلى فيما يخص التمدد الاستيطانى غير المسبوق فى الأراضى العربية المحتلة، بل وتوافق الجميع على أن المفاوضات ماتت إكلينيكيا ولم يعد هناك بد من اللجوء إلى مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية.باختصار كل الظروف مهيأة وملحة لكى تتخذ الحكومة المصرية موقفا محترما، وتوجه رسالة سياسية شديدة اللهجة إلى العدو الصهيونى بإلغاء احتفالات مولد أبى حصيرتهم المزعوم.كما أن الفرصة تدق بابها لكى تقول للشعب المصرى إنها لا تمثل عليه فى موضوع ممارسة سيادتها الوطنية على كامل التراب المصرى.فهل تتهور مرة واحدة وتفعلها وتقول لإسرائيل لا.. أم أن قطعان الصهاينة ستأتى وتحتفل ثم تذهب بعد أن تخرج لسانها للجميع؟
2010/12/14
تجار وسكان وكالة «أوده باشا» يغادرونها لترتدي حلة جديدة
بعد 337 عاما من إنشائها تنفض وكالة «أوده باشا» الأثرية بحي الجمالية في القاهرة عن كاهلها ثوبها القديم المتهالك المليء بالثقوب والشقوق، وذلك تمهيدا للشروع في ترميمها، بعد أن استطاعت وزارة الثقافة المصرية أن تقنع مستأجري 51 محلا تجاريا بالوكالة بإخلاء الموقع الأثري حتى تتمكن من إجراء أعمال الصيانة والترميم له ليعود للحياة بثوب قشيب.
توصف الوكالة التي يرجع تاريخها إلى عام 1673، بأنها نموذج فريد وواحدة من أضخم الوكالات الأثرية، وتحتل مسطحا كبيرا يشكل 55 وحدة يمكن استغلالها كوحدات فندقية وبها 26 محلا متنوعا. وتجاور وكالات وأسبلة ومساجد أثرية في منطقة القاهرة التاريخية.
وتنسب الوكالة التي تحمل رقم 19 في حي الجمالية، إلى أوده باشا، وتم بيعها لورثة سالم بازرعة وهو تاجر تركي، إلا أنها تعرف باسم المالك الأول، على الرغم من أن مستأجريها كانوا يحملون أوراقا ثبوتية تؤكد استئجارهم لها من ورثة التاجر التركي.
ويأتي ترميم الوكالة في إطار مشروع تطوير شارع الجمالية بأزقته الجانبية، التي أكد فاروق عبد السلام أنه سيتم تطوير مواقعها الأثرية على غرار صيانة شارع المعز، الذي فرغت منه الوزارة منذ أكثر من عام، وصار متحفا مفتوحا، قاصرا على مرور المشاة فقط.
وقال عبد السلام إن الشارع الجاري ترميم مواقعه الأثرية في حرم الوكالة يصل طوله إلى كيلو ونصف كيلومتر، وينتظر الانتهاء منه أوائل شهر أبريل (نيسان) 2012. وأضاف أنه تم الانتهاء من ترميم آثار حارتي التمبكشية والصالحية، الواقعتين على جانبي الشارع، وأن سرعة إنجاز هذه المشاريع جاءت بعدما اكتسبنا خبرة في عمليات ترميم آثار شارع المعز. لافتا إلى أن عمليات الصيانة ستعمل على محاولة إعادة كل موقع كما كان وقت إنشائه، «على الرغم من الصعوبة الكبيرة التي يمكن أن تواجه فريق المرممين، الذين يستعينون بالمراجع التاريخية للقيام بهذا الدور».
وأوضح أنه سيتم الاعتناء بتطوير المناطق المحيطة بكل أثر بالوكالة، في إطار فلسفة الاهتمام ببيئة الأثر ذاته، ومراجعة شبكات الصرف والتليفونات والإنارة بالمنطقة، بحيث لا تتم العودة لصيانتها، بعد خطوات الترميم الجارية على قدم وساق
2010/12/09
تضامنا مع اهالي البحيرة لا لمولد ابو حصيرة
أبو حصيرة (توفي 1880) هو يعقوب بن مسعود حاخام يهودي، يعتقد عدد من اليهود أنها شخصية "مباركة". عاش في القرن التاسع عشر. ويقام له مقام يهودي في قرية "دميتوه" في محافظة البحيرة الحالية شمال غرب القاهرة في مصر.
ولد يعقوب بن مسعود "أبو حصيرة" في جنوب المغرب، حيث تذكر رواية شعبية يهودية أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى دميتوه في دمنهور ليدفن في القرية في 1880 بعد أن أوصى بدفنه هناك.[1]
مولد أبو حصيرةيقام سنويا في القرية التي يوجد بها قبر أبوحصيرة احتفال أو مولد أبو حصيرة حيث يزوره الآلاف من اليهود خصوصا من المغرب وفرنسا وإسرائيل.[2] كما أن الثابت تاريخيا أن هذا الطائفة اليهودية المصرية كانت تحتفل بهذا المولد قبل العام 1945. وتم الاتفاق على تحويل المقبرة إلى ضريح حيث تشير وثائق إلى أنه وبموافقة مديرية البحيرة في ذلك الوقت تم شراء بعض الأراضي حول المقبرة للإقامة الضريح وتشييد سور حولها، وتم التبرع بالمال من قبل أثرياء يهود.[1] وابو حصيرة من احد افراد العائلة اليهودية المغربية الشهيرة عائلة الباز التي ينتمى إليها أبو حصيرة أو أبو يعقوب كما يطلق عليه.
وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل العام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية لهم للاحتفال بالمولد والذي يستمر أسبوعا. ويتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح بشكل سنوي، وبتنسيق مع سلطات الأمن المصرية
طقوس الاحتفالات
يتم فيها تأدية طقوس دينية يهودية مع تناول الفاكهة المجففة وزبدة وفطير وأسلوب الاحتفال يشمل الجلوس عند المقبرة، والبكاء وتلاوة أدعية دينية يهودية وذبح الأضحيات عند الضريح حسب الشريعة اليهودية.
شهدت المقبرة بعض التوسع مع تزايد عدد القادمين، وتم كساء الضريح بالرخام، والرسوم الدينية اليهودية، لاسيما عند مدخل القبر، ثم بدأ ضم بعض الأراضي حوله وبناء سور، وتصل مساحة المقبرة إلى 8400 متر مربع.[بحاجة لمصدر]
يوجد رفض لبعض الجهات والتيارات في مصر وبينهم نواب في البرلمان المصري لإقامة مولد أبو حصيرة سنويا في القرية ويعتبر ضريح أبو حصيرة (القبر والتل المقام عليه) الذي أقيم العام 1880 حاليا من بين الآثار اليهودية في مصر وهو مسجل كأثر ديني في هيئة الآثار المصرية التابعة وزارة الثقافة المصرية، ويخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983.حيث يتم التعامل معه كأثر مصري.
2010/12/08
جون دارلنج" جاسوس كاد أن يصل إلى الحكم !
عام 1944، انضم كوهين إلى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدأ متحمساً للسياسة الصهيونية تجاه البلاد العربية. وبعد حرب 1948، أخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين. وبالفعل، في عام 1949 هاجر أبواه وثلاثة من أشقائه إلى إسرائيل بينما تخلّف هو في الإسكندرية. وقبل أن يهاجر إلى إسرائيل، عمل تحت قيادة (إبراهام دار) وهو أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذي وصل إلى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود علي الهجرة وتجنيد العملاء، واتخذ الجاسوس اسم جون دارلينج وشكّل شبكةً للمخابرات الإسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشأت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية بهدف إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1954، تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون. وبعد انتهاء عمليات التحقيق، كان أيلي كوهين قد تمكن من إقناع المحققين ببراءة صفحته إلى أن خرج من مصر عام 1955 حيث التحق هناك بالوحدة رقم 131 بجهاز الموساد ثم أعيد إلى مصر ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956
تجنيده في إسرائيلبعد الإفراج عنه، هاجر إلى إسرائيل عام 1957 حيث استقر به المقام محاسباً في بعض الشركات وانقطعت صلته مع الموساد لفترة من الوقت، ولكنها استؤنفت عندما طرد من عمله وعمل لفترة كمترجم في وزارة الدفاع الإسرائيلية ولما ضاق به الحال استقال وتزوج من يهودية من أصل عراقي عام 1959.
وقد رأت المخابرات الإسرائيلية في كوهين مشروع جاسوس جيد فتم إعداده في البداية لكي يعمل في مصر، ولكن الخطة ما لبثت أن عدلت، ورأى الموساد أن أنسب مجال لنشاطه التجسسي هو دمشق. وبدأ الإعداد الدقيق لكي يقوم بدوره الجديد، ولم تكن هناك صعوبة في تدريبه علي التكلم باللهجة السورية، لأنه كان يجيد العربية بحكم نشأته في الإسكندرية وكان طالباً في جامعة الملك فاروق وترك الدراسة فيها لاحقاً.
رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو بها سورياً مسلماً يحمل اسم كامل أمين ثابت هاجر وعائلته إلى لإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 حيث لحق به كامل وعائلته عام 1947. وفي عام 1952، توفي والده في الأرجنتين بالسكتة القلبية كما توفيت والدته بعد ستة أشهر وبقى كامل وحده هناك يعمل في تجارة الأقمشة.
تم تدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة. مع تعليمه القرآن وتعاليم الدين الإسلامي. وفي3 فبراير 1961، غادر كوهين إسرائيل إلى زيوريخ، ومنها حجز تذكرة سفر إلى العاصمة التشيلية سانتياغو باسم كامل أمين ثابت، ولكنه تخلف في بوينس ايرس حيث كانت هناك تسهيلات معدة سلفا لكي يدخل الأرجنتين بدون تدقيق في شخصيته الجديدة.
وفي الأرجنتين استقبله عميل إسرائيلي يحمل اسم أبراهام حيث نصحه بتعلم اللغة الإسبانية حتى لا يفتضح أمره وبالفعل تعلم كوهين اللغة الإسبانية وكان أبراهام يمده بالمال ويطلعه على كل ما يجب أن يعرفه لكي ينجح في مهمته. وبمساعدة بعض العملاء تم تعيين كوهين في شركة للنقل وظل كوهين لمدة تقترب من العام يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح فكون لنفسه هوية لا يرقى إليها الشك، واكتسب وضعا متميزاً لدي الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده وأصبح شخصية مرموقة في كل وتشير بعض الشائعات لتعرفه على العقيد أمين الحافظ، لكن توقيت استلام الحافظ منصب الملحق العسكري في بيونس آيرس كان قد تزامن مع سفر كوهين لسوريا مما ينفي أي علاقة مسبقة بين الرجلين
خلال المآدب الفاخرة التي اعتاد كوهين -أو كامل أمين ثابت- إقامتها في كل مناسبة وغير مناسبة، ليكون الدبلوماسيون السوريون علي رأس الضيوف، لم يكن يخفي حنينه إلى وطنه سوريا، ورغبته في زيارة دمشق. لذلك، لم يكن غريباً أن يرحل إليها بعد أن وصلته الإشارة من المخابرات الإسرائيلية ووصل إليها بالفعل في يناير 1962 حاملا معه الآت دقيقة للتجسس، ومزودا بعدد من التوصيات الرسمية وغير الرسمية لأكبر عدد من الشخصيات المهمة في سوريا، مع الإشادة بنوع خاص إلي الروح الوطنية العالية التي يتميز بها، والتي تستحق أن يكون محل ترحيب واهتمام من المسؤولين في سوريا. وبالطبع، لم يفت كوهين أن يمر علي تل أبيب قبل وصوله إلي دمشق، ولكن ذلك تطلب منه القيام بدورة واسعة بين عواصم أوروبا قبل أن ينزل في مطار دمشق.
التجسس
أعلن كوهين أنه قرر تصفية كل أعماله العالقة في الأرجنتين ليظل في دمشق مدعياً حب الوطن. وبعد أقل من شهرين من استقراره في دمشق، تلقت أجهزة الاستقبال في الموساد أولى رسائله التجسسية التي لم تنقطع علي مدى ما يقرب من ثلاث سنوات، بمعدل رسالتين علي الأقل كل أسبوع.
وفي الشهور الأولى تمكن كوهين أو كامل من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين. وكان من المعتاد أن يزور أصدقاءه في مقار عملهم، وكانوا يتحدثون معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل ويجيبون على أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميج أو السوخوي، أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفيتي أو الفرق بين الدبابة ت-54 وت-55 وغيرها من أمور كانت محل اهتمامه كجاسوس. وكانت هذه المعلومات تصل أولا بأول إلي إسرائيل ومعها قوائم بأسماء وتحركات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات. وفي أيلول/سبتمبر 1962، صحبه أحد أصدقائه في جولة داخل التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان. وقد تمكن من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة تصوير دقيقة مثبتة في ساعة يده أنتجتها المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. ومع أن صور هذه المواقع سبق أن تزودت بها إسرائيل عن طريق وسائل الاستطلاع الجوي الأمريكية، إلا أن مطابقتها مع رسائل كوهين كانت لها أهمية خاصة سواء من حيث تأكيد صحتها، أو من حيث الثقة بمدى قدرات الجاسوس الإسرائيلي. وفي عام 1964، زود كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة. وفي تقرير آخر، أبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز ت-54 وأماكن توزيعها وكذلك تفاصيل الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من إسرائيل في حالة نشوب الحرب. وازداد نجاح كوهين خاصة مع إغداقه الهدايا على مسؤولي حزب البعث.
القبض عليه
في عام 1965، وبعد 4 سنوات من العمل في دمشق، تم الكشف عن كوهين عندما كانت تمر أمام بيته سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السوري. وعندما ضبطت أن رسالة مورس وجهت من المبنى الذي يسكن فيه حوصر المبنى على الفور، وقام رجال الأمن بالتحقيق مع السكان ولم يجدوا أحداً مشبوهاً فيه، ولم يجدوا من يشكّوا فيه في المبنى. إلا أنهم عادوا واعتقلوه بعد مراقبة البث الصادر من الشقة [2]. وقبض على كوهين وأعدم في ساحة المرجة وسط دمشق في 18 أيار/مايو 1965.
الرواية المصرية
تؤكد تقارير المخابرات المصرية ان اكتشاف الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين في سوريا عام 1965 كان بواسطة العميل المصري في إسرائيل رفعت الجمال أو رأفت الهجان:
"... شاهدته مره في سهرة عائلية حضرها مسئولون في الموساد وعرفوني به انه رجل اعمال إسرائيلي في امريكا ويغدق على إسرائيل بالتبرعات المالية.. ولم يكن هناك أي مجال للشك في الصديق اليهودي الغني، وكنت على علاقة صداقة مع طبيبة شابه من اصل مغربي اسمها (ليلى) وفي زيارة لها بمنزلها شاهدت صورة صديقنا اليهودي الغني مع امرأة جميلة وطفلين فسألتها من هذا؟ قالت انه ايلي كوهين زوج شقيقتي ناديا وهو باحث في وزارة الدفاع وموفد للعمل في بعض السفارات الإسرائيلية في الخارج،.. لم تغب المعلومة عن ذهني كما أنها لم تكن على قدر كبير من الأهمية العاجلة، وفي أكتوبر عام 1964 كنت في رحلة عمل للاتفاق على افواج سياحية في روما وفق تعليمات المخابرات المصرية وفي الشركة السياحية وجدت بعض المجلات والصحف ووقعت عيناي على صورة ايلي كوهين فقرأت المكتوب أسفل الصورة، (الفريق أول على عامر والوفد المرافق له بصحبة القادة العسكريين في سوريا والعضو القيادي لحزب البعث العربي الإشتراكي كامل امين ثابت) وكان كامل هذا هو ايلي كوهين الذي سهرت معه في إسرائيل وتجمعت الخيوط في عقلي فحصلت على نسخة من هذه الجريدة اللبنانية من محل بيع الصحف بالفندق وفي المساء التقيت مع (قلب الأسد) محمد نسيم رجل المهام الصعبة في المخابرات المصرية وسألته هل يسمح لي ان اعمل خارج نطاق إسرائيل؟ فنظر لي بعيون ثاقبة:- ماذا ؟- قلت: خارج إسرائيل.- قال: اوضح.- قلت: كامل امين ثابت احد قيادات حزب البعث السوري هو ايلي كوهين الإسرائيلي مزروع في سوريا واخشى ان يتولى هناك منصبا كبيرا.- قال: ما هي ادلتك؟- قلت: هذه الصورة ولقائي معه في تل ابيب ثم ان صديقة لي اعترفت انه يعمل في جيش الدفاع. ابتسم قلب الأسد واوهمني انه يعرف هذه المعلومة فأصبت بإحباط شديد ثم اقترب من النافذة وعاد فجأة واقترب مني وقال: لو صدقت توقعاتك يا رفعت لسجلنا هذا باسمك ضمن الأعمال النادرة في ملفات المخابرات المصرية.."
وعقب هذا اللقاء طار رجال المخابرات المصرية شرقا وغربا للتأكد من المعلومة وفي مكتب مدير المخابرات في ذلك الوقت السيد صلاح نصر تجمعت الحقائق وقابل مدير المخابرات الرئيس جمال عبد الناصر ثم طار في نفس الليلة بطائرة خاصة إلى دمشق حاملا ملفا ضخما وخاصا إلى الرئيس السوري أمين الحافظ.
وتم القبض على ايلي كوهين وسط دهشة الجميع واعدم هناك في 18 مايو 1965.
يقول رفعت الجمال.. " حضرت جنازته في إسرائيل بين رجال الموساد بعد أن اعلنت الصحف العربية نبأ القبض عليه
ويلاحظ أن جسده مغطي بعبارات قد تكون تنديد أو تنكيل بالجاسوس من يدري
استمع للقاء اذاعة دمشق مع الجاسوس ايلي كوهين قبل اكتشاف امره اضغط هنا
2010/12/07
دكتور/احمد علي الجارم شاعر العروبة
جــدّدي يـــا رشيدُ للـــحـبّ عَهْدَا
حَسْبُنا حســــــبُنا مِطالاً وصــدَّا
جــدّدي يـــا مدينة َ السحرِ أحــلا
ماً وعْيشاً طَلْقَ الأسارير رَغـْـدا
جــدّدي لمحة ً مضتْ مــن شبابٍ
مــثــل زهـر الربا يرِفُّ ويندَى
وابعثي صَحْوة ً أغار عليها الشــ
يْبُ حتَّى غـدتْ عَــنـاءً وسـُهـدا
وتعالَى ْ نــعــيـشُ في جَنَّة ِ الـمـا
ضـي إذا لم نجِدْ مـن العيشِ بـُدّا
ذِكْرياتٌ لــو كــان للــدهـــرِ عِقْدٌ
كـنّ فــي جِيدِ سالفِ الدهر عِقدا
أولى قصائد الجارم كانت بعنوان "الوباء" عام 1895م، عندما اجتاحت جرثومة "الكوليرا" بلده رشيد وحصدت الأرواح، وقد قال فيها مخاطبًا هذا المكروب اللعين:
أي هــذا الــمـكـروب مــهــلا قليلا
قد تجاوزت في سـراك الـسـبـيلا
لست كالواو أنت كالمنجل الحصاد
إن أحــسـنـوا لك الـتــمــثـــيـــلا
العلم ميزان الحياة عند الشاعر تعلم الجارم في الأزهر ودار العلوم وتخرج منها سنة 1908، ثم بعث على انجلترا فأقام سنة بمدينة توتنجهام درس اللغة الإنجليزية ، وكان محبا للعلم بصورة كبيرة مرددا :
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياة ِ فإِنْ هَوَى
هَوَتِ الْحَياة ُ لأَسْفلِ الأَدْرَاك
ومن النوادر أنه في عام 1910م شاهد الضباب في إنجلترا يتكاثف، فإذا المبصرون أنفسهم يضلون الطريق حائرين، وإذا العميان يقودونهم خلال هذا الضباب، فكتب يقول :
أبصرت أعمى في الضباب بلندن
يــمـشـي فـلا يـشـكـو ولا يــتــأوه
فـأتـاه يـسـألـه الـهـدايـة مـبـصـــر
حـيـران يـخبـط في الظلام ويعمه
فـاقـتـاده الأعـمـى فــســار وراءه
أنـىّ تــوجـــه خــطــوه يـتـوجـــه
التحق الجارم بالكلية الجامعة بـ اكستر ومكث بها ثلاث سنوات درس خلالها علم النفس وعلوم التربية والمنطق والأدب الإنجليزي، حصل على إجازة في كل المواد وعاد إلى مصر في أغسطس سنة 1912 ، ثم عين مدرسا بمدرسة التجارة المتوسطة ثم نقل منها بعد سنة على دار العلوم مدرسا لعلوم التربية، في مايو سنة 1917 نقل مفتشا بوزارة المعارف..ثم رقي إلى وظيفة كبير مفتشي اللغة العربية وظل فيها حتي 1940 حين نقلا وكيلا لدار العلوم وظل فيها إلى أن أحيل إلى المعاش سنة 1942.
ابنه أحمد علي الجارم وهو طبيب وأستاذ الأمراض الباطنة بكلية الطب جامعة القاهرة 1972 ، أنشأ قسم الأمراض المتوطنة بكليات الطب بجامعة القاهرة وطنطا والأزهر ، عضو مجمع اللغة العربية 2003 ، أعاد طبع الأعمال الشعرية والنثرية والأدبية واللغوية الكاملة للمرحوم والده الشاعر الكبير.
كان أديبا موسوعيا متعدد المواهب، جمع بين موهبة الشعر والنثر الأدبي.. فكان شاعرًا وقاصًا وروائيًا وناقدا ولغويا ونحويًا وتربويًا، عاصر كبار الشعراء والأدباء مثل شوقي وحافظ وطه حسين ومطران، وأسهم بزاد وافر في مجال الشعر والقصة والبلاغة والتاريخ الأدبي ، تفرغ الجارم للأدب بعد إحالته على المعاش وحينما انشأ ..مجمع اللغة العربية كان من أعضائه المؤسسين، وكانت له جهود في التعريب , إذ عرب كتاب "قصة العرب في أسبانيا".
وأسهم في التأريخ للأدب العربي بتأليفه كتاب "تاريخ الأدب العربي" مع آخرين، وفي مجال اللغة ألف الكثير من الكتب منها "النحو الواضح" و"البلاغة الواضحة", ترك الجارم تراثا نثريا يكاد يزيد عن تراثه الشعري كما أن بعض معاصريه اعتبروا رواياته التاريخية أهم من نثر أحمد شوقي وكان أبرزها الأعمال النثرية الكاملة التي صدرت في القاهرة عن الدار المصرية اللبنانية وتقع في 1040 صفحة تضمها ثلاثة مجلدات.
وقال أحمد علي الجارم – نجل الأديب الراحل- في مقدمة الجزء الأول إن والده كتب عشر روايات، مشيرا إلى أن ما اعتبره تأخرا في اهتمام الدارسين بتراث الجارم يعود إلى عدم إتاحة أعماله لفترة زمنية طويلة، حين منعت الرقابة العسكرية إبان حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إعادة طبع مؤلفات الجارم بالإضافة إلى "مؤامرة الصمت" التي حيكت حوله في هذا العهد.
وضم المجلد الأول روايات فارس بني حمدان التي كتبها في العام 1945 والشاعر الطموح المتنبي وخاتمة المطاف في نهاية المتنبي ، في حين ضم المجلدان الثاني والثالث قصتي الفارس الملثم (1949) والسهم المسموم التي نشرت عام 1950 بعد وفاته إضافة إلى روايات مرح الوليد في سيرة يزيد الأموي ، وسيدة القصور آخر أيام الفاطميين في مصر(1944) وغادة رشيد التي كانت في السنوات الماضية مقررة على طلاب المدارس الثانوية في مصر وتتناول كفاح الشعب ضد الاستعمار الفرنسي (1798 – 1801)، رواية هاتف من الأندلس (1949) وشاعر ملك قصة المعتمد بن عباد إضافة إلى ترجمته عام 1944 لكتاب المستشرق البريطاني أستانلي لين بول وعنوانه "قصة العرب في إسبانيا".
كما ترك الجارم أعمالا مثل المعارضات في الشعر العربي، شارك في تأليف كتب أدبية منها المجمل في الأدب العربي، المفصل في الأدب العربي، النحو الواضح في 6 أجزاء بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم، البلاغة الواضحة جزآن بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم أيضا، علم النفس وآثاره في التربية والتعليم بالاشتراك مع نفس الزميل وكان هذا الكتاب من أوائل الكتب التي ألفت بالعربية في علم النفس .
أبيات تقطر حباً للإسلام
كان الإسلام محورًا لأغلب أعمال علي الجارم، إذ استوحى في رواياته وقصصه وأشعاره العديد من المعاني القرآنية، واستمد من السيرة النبوية المطهرة والتاريخ الإسلامي أروع إبداعاته، مثل "هاتف من الأندلس" و"غادة رشيد" و"الشاعر الطموح".
نقرأ له جزء من قصيدة يشدو فيها حبا للإسلام والنور الذي عم البشرية بسيد الخلق محمد – صلى الله عليه وسلم - تقول :
أطـلـّـت على سُحبِ الظلامِ ذُكـاءُ
وفُـجـِّرَ مـن صـخـرِ التنـُوفة ِ مَاءُ
وخُــبــّرت الأوثـــانُ أنَّ زمانَـهـا
تــولـى ّ وراحَ الـجـهـلُ والجهلاءُ
فما سجدت إلاّ لذي العرشِ جـبهة
ولــــم يَــرتـفـعْ إلاّ إلــيـه دُعـــَاءُ
تبسم ثغرُ الصبحِ عن مولدِ الهُدى
فـــللأرضِ إشــراقٌ بــه وزُهــاءُ
وعادت به الصحراءُ وهـي جديبة
عـلـيـهـا مـن الـدينِ الجـديد رُوَاءُ
ونافـست الأرضُ السماءَ بكوكـبٍ
وضـِيء الـمـحـّيا مـا حَوَتْه سماءُ
لـه الـحـق والإيـمـانُ بــاللّه هــالة
وفـي كـلِّ أجـواءِ الـعـقولِ فَضاءُ
تــألــّق فــي الـدنـيا يُزيـح ظلامَها
فـــزال عـمى ً مــن حولهِ وعَماءُ
وردّ إلــى الـعـُـرْب الــحـَيـاة وقـد
مـضى عليهم زمانٌ والأمامُ وراءُ
ويقول :
عــجبـتُ لأمرِ القومِ يحمونَ ناقـة
وســاداتـهــم مــن أجـْلـِهـا قُتلاءُ
بدا في دُجى الصحراء نورُ محمدٍ
وجـلجـلَ في الصحراء منهُ نِداءُ
نــبـيُ بـه ازدانـت أبـاطـِحُ مــكـة
وعــزَّ بـــهِ ثــَوْرٌ وتـــاه حِــرَاءُ
ُنادي جريء الأصغريْن بــدعـوة
أكـبَّ لهـا الأصـنـامُ والزُعــمـاءُ
دعـاهـم لـربٍ واحـدٍ جـلَّ شـأنــه
له الأمرُ يولى الأمرَ كيف يَـشاءُ
الجارم ..عروبة حتى النخاع
لقد كان علي الجارم عاشقًا للغة القرآن الكريم، احتفى بها في زمن سعى الاستعمار فيه إلى الحد من قوتها عبر عمليات غسيل مخ لأدمغة أناس، اعتقدوا أن لغتهم تحول دون التقدم، فدعوا إلى إحلال الحروف اللاتينية محل حروفها، وكان يرى أن اللغة العربية هي المدخل الطبيعي لوحدة الأمة العربية، فهو القائل :
نـــــــزل القرآن بالضاد فــــلـــو
لــــــم يـــــكن فيها ســــواه لكفاها
ولعل من أبرز قصائده قصيدة "العروبة" التي جاءت من 77 بيتا، وألقاها في مؤتمر الثقافة العربي الأول الذي أقامته الجامعة العربية في لبنان عام 1947م، وجاء فيها :
تــوحـد حـتتى صـار قـلـبـا تحوطـه
قـلـوب مـن الـعـرب الكرام وأضلـع
وأرسـلـهــا فـي الخافـقـيـن وثـيـقــة
لها الحـب يـمـلـى والـوفــاء يـوقـــع
لقد كان حلما أن نرى الشرق وحـدة
ولـكــن مــن الأحـلام مــا يــتــوقــع
ويقول :
بــــنــــي العروبة إن الله يـجمعـنـا
فلا يفرقنا فـــــي الأرض إنــسـان
لــــــنـــا بها وطـن حـر نـلـوذ بـــه
إذا تنـاءت مــســافــات وأوطـــان
ويقول أيضا :
بــلــغ العـرب بالبلاغة والإســلام
أوجــــا أعــيــا عــلــى كــيـــوان
لبسوا شمـس دولـة الفـرس تـاجــا
ومــضـوا فـي مـغافــر الــرومـان
وجروا ينشرون فـي الأرض هديا
من سنا العـلـم أو ســنــا الــقــرآن
نستمع له في افتتاح دورة الانعقاد الثالث لمجمع اللغة العربية يردد :
جــزيــرة أجـدبـت فـي كــل نـاحـية
وأخصبت في نواحي الخلق والأدب
جــدب بــه تـنـبـت الأحـلام زاكـيـة
إن الـحجـارة قـد تـنـشـق عـن ذهب
تـود كـل ريـاض الأرض لو منحت
أزهـارهـا قـبـلـة مـن خـدهـا التـرب
كان علي الجارم كما وصفه معاصروه شاعر العروبة والإسلام، فقد عايش قضايا أمته وتفاعل معها، وجاءت أروع النماذج الشعرية معبرة عن انتمائه الوطني والقومي والإسلامي، فنجد قصيدته "فلسطين" التي بلغت ثلاثة وسبعين بيتًا، منها :
نفـسـي فداء فلسطين ومـا لقيـت
وهل يناجي الهـوى إلا فلسطيـنا
نفسي فداء لأولى القبلتين غـدت
نهبا يزاحــم فــيه الذئـب تـنـيــنا
ويقول :
ومصرُ والنيلُ ماذا اليْومَ خطبُهما
فــقـد سَرى بحديثِ النيلِ رُكْبان
كنانة ُاللّه حصنُ الشرقِ تُحرســُه
شِيبٌ خِفافٌ إلــى الْجُلَّى وشُبَّان
ويستعرض الجارم في مقدمته حياة وآثار العرب في الأندلس التي يراها عجيبة ومثيرة أيضا حيث يشير إلى أن العرب عاشوا في الفتن نحو 800 عاما قل أن تستطيع أمة سواهم البقاء في مثلها وينفي الجارم على سبيل المثال عن العرب تهمة الهدم وعدم التحضر مشددا على أن الهدامين لآثارهم ومدنياتهم إنما هم أعداؤهم من البربر والإفرنج والتتار.
شاعر إنسان
كتب الجارم أشعارا كثيرة في وصف الطبيعة الغناء بربوع الوطن العربي وجمالها ولعلنا نختار واحدة من أروع ما سطر يخاطب فيها طائر بقوله :
طائـرٌ يـشـدو عـلـى فـنـن
جدَّد الذكرى لذي شـــجــن
قــام والأكــوانُ صامـتــةٌ
ونسيمُ الصُّبْحِ فـي وَهــــَن
هاج في نفسي وقـد هدأت
لـوعـةً لــولاه لــم تــكــــن ْ
هــزَّه شـــوقٌ إلـى سـكـنٍ
فـبـكـى للأهـل والـسـَّكـــَن
وَيْــكَ لا تـجــزعْ لـنـازلـةٍ
ما لطيرِ الـجـوِّ مـن وطــن
أما الموت فيقول عنه :
إن جرد الموتُ نصلاً ما صَمدت لـه
فــطالَـمـا رَدَّ نـصـلٌ مـنــك أرواحـا
قــد كـنـت تـَهزِمُه فِــي كــل مُعْتَـركٍ
يـزاحـم الشَّمـسَ أسـيـافــاً وأرمـاحـا
وكان جَرْحُك يأسو كلَّ مــا جـرحَـتْ
يَـدُ الـزَّمـان ويَحيـَى كـلَّ ما اجتاحـا
الــيـــومَ يَــثْـــأَرُ والأيـــامُ عُـــدّتُــــه
لا الطبُّ يُجدي ولا الجرَّاح جراحـا
جوائز حصل عليها
قدر العالم العربي على الجارم حق قدره فمنحته مصر وسام النيل 1919 والرتبة الثانية سنة 1935 ، انعم عليه العراق بوسام الرافدين سنة 1936 وانعم عليه لبنان بوسام الأرز من رتبة كومندور سنة 1947 ، توفي بالقاهرة فجأة وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفل تأبين محمود فهمي النقراشي وذلك عام 1949م .
قالوا عنه :
معاصروه من الأدباء : شاعر العروبة والإسلام
الأديب الكبير عباس العقاد في تقديمه لديوانه الشعري : "الجارم عالم باللغة، وعالم مع اللغة بفنون التربية وفروعها، وهو الشاعر الذي زوده الأدب والعلم بأسباب الإجادة والصحة، فكان شعره زادا لطالب البيان في عصره، ومثالاً صالحًا للثقافة التي أسهم فيها بأدبه وعلمه".
الدكتور حلمي قاعود : " علي الجارم شاعر وواحد من مدرسة البيان في النثر الحديث .
الناقد محمد أبوبكر حميد : كانت شاعريته تكمن خلف وقوفه عند أعلام شعرنا القديم، مثل ابن زيدون في رواية (هاتف من الأندلس) والمعتمد بن عباد في (شاعر ملك) والمُتنبي في (الشاعر الطموح) و(خاتمة المطاف) " .
2010/12/03
الوزراء النوَّاب.. ودعايتهم الانتخابية/بقلم د. وحيد عبدالمجيد
عندما يخوض وزراء غير سياسيين انتخابات برلمانية اسما ولكنها شديدة المحلية فعلا، لابد أن تخلو دعايتهم الانتخابية من أى نقاش أو حوار حول قضايا كبيرة تتعلق بالوطن حاضرا أو مستقبلا، وليس فقط من أى خطاب سياسى جاد.
ولم يتوقع أحد من تسعة وزراء كانوا مرشحين وصاروا نواباً (ألف مبروك) أن ينظموا حملات انتخابية مسيسة، وهم الذين لم يعرفوا يوما طعم العمل السياسى باستثناء واحد منهم عرفه فى عصر التنظيم الواحد الذى ما برح مقيماً فى زمننا.
ولكن هذا لا يمنع أن بعضنا على الأقل توقعوا منهم دعاية انتخابية أرقى مستوى وأداء أكثر نضجاً، حتى لا نقول نموذجاً يقدمونه لغيرهم وهم الذين يُفترض أنهم فى الصف السياسى الأول بحكم مواقعهم فى الدولة.
غير أن المشهد العام فى حملاتهم الانتخابية جاء مخيباً لهذا التوقع، بل بدا مخجلاً فى بعض جوانبه، وخصوصا الإفراط فى استغلال الدين وخلطه بالسياسة بالرغم من أنهم يمثلون حزباً صار متخصصا فى الوعظ بالمواطنة وحكومة لا تكف عن رفع شعار الدولة المدنية.
استغل كثير من الوزراء المساجد والكنائس بأشكال مختلفة بعضها مبتكر سبقوا به مرشحى «الإخوان المسلمين» الذين لم ينجحوا إلا فى تديين الانتخابات. لم يكتف أحد الوزراء بزيارة المساجد، بل نصَّب نفسه إماما للمصلين فى أحدها، وتحدث بلغة الوعظ الدينى، واعتبر أن الحديث الشريف (هناك أناس اختصهم الله بقضاء حوائج الناس) ينطبق عليه.
كما استغل وزير آخر مكبرات الصوت فى بعض المساجد فى دائرته للإعلان عن لقاءاته الانتخابية.
ولم يقتصر استغلال الدين على توظيف المساجد والكنائس بطرق شتى، بل شمل تحويل مؤتمرات انتخابية إلى أمسيات دينية ذهب أحد الوزراء فى إحداها إلى أبعد مدى عندما ارتفع صوت الإنشاد الدينى على أنغام الدف والرق.
أما قصة استدعاء الداعية عمرو خالد للقاء جمهوره بعد غياب نحو ثمانى سنوات ضمن فعاليات جمعية اجتماعية يرأسها أحد الوزراء فقد صارت معروفة بما يكفى.
وكان واضحا ما ينطوى عليه هذا السلوك من خلط بين الدين والسياسة، واستغلال نشاط دينى ضمن حملة انتخابية برلمانية، بغض النظر عن أن خصوم الوزير الذى فعل ذلك شنوا هجوما شديدا عليه سعيا إلى دعم مركزهم.
وحين يحدث هذا كله فى حملات انتخابية لبعض كبار رجال الدولة التى يقال إنها مدنية، فلا عجب أن تشارك الجمعيتان السلفيتان الأكبر حجماً (جمعية أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية) فى دعم أحد الوزراء عبر إعلان تأييده.
ولو أن وزيراً فى دولة دينية مثل جمهورية إيران الإسلامية خاض انتخابات برلمانية لما فعل أكثر مما قام به بعض وزرائنا فى دولة لا يكفون هم وغيرهم من رجالها عن تأكيد أنها مدنية.
ولم يكن الدين وحده هو الذى استغله وزراء فى حملاتهم الانتخابية، فقد استغلوا قبله مناصبهم وسلطاتهم والمال العام المؤتمنين عليه. وأفرط بعضهم فى ذلك، وفى وضح النهار، كأن الوزارة هى عزبة خاصة يتصرف الوزير فى وظائفها وفق هواه، ولم يكتف بعضهم بوزاراتهم، فاستغلوا منشآت ومصالح تتبع وزارات أخرى، ومنهم من لم يتورع عن إطلاق وعود تؤدى، إذا تحققت، إلى تمييز صارخ لأهالى دوائرهم عن غيرهم من المصريين الذين أبعدهم سوء حظهم عن هذه الدوائر «المحظوظة». واستخدم بعض الوزراء سلطتهم على مرؤوسيهم فى وزاراتهم والهيئات التابعة لها أسوأ استخدام.
كان التلويح بالجزرة هو الأسلوب السائد فى التعامل مع موظفيهم، إلا لمن لا يقبل أو يتحمس حيث العصا جاهزة لمن يعصى. ولكن العصا كانت هى الاستثناء، لأن ثقافة التسول الغالبة فى المجتمع تتيح لمن يملك المنح استجابة واسعة.
وفى حملات انتخابية هذه بعض سماتها، كان طبيعيا أن يهبط مستوى الهتافات التى يطلقها أنصار الوزراء من نوع (دمه خفيف وذوق وخلا أهل الدايرة فوق) و(يا ابو دم عسل.. كل اللى شاف خدماتك يضرب بيها المثل) و(توت توت.. الوزير فتح بيوت) و(هو ده الكلام.. الوزير تمام).
وبالفعل.. هذا هو الكلام الذى لا محل لغيره فى انتخابات بلا سياسة ولا برامج ولا تنافس صحى، ولا قواعد للعبة.
2010/11/26
العذاب ليس له طبقة مقال رائع من روائع الدكتور مصطفى محمود
العذاب ليس له طبقة
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.
أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون ن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.
(من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له)
2010/11/16
باتا.............
حذاء باتا كان من اشهر اسماء الاحذية ويرجع اسمه الى رجل الصناعة التشيكي توماس باتا الذي قاد اكبر امبراطورية للاحذية في العالم ..وكانت شركته تدير مصانع كثيرة فيالعديد من الدول.وقد انتقل مقر الشركة من تشيكو سلوفاكيا بعد التاميم .. الى بريطانيا .وقد عاد توماس باتا بعد سقوط الشيوعية الى سلوفاكيا وسط استقبالات كبيروحاره وهتافات المواطنين واعاد تشغيل مصنع احذية باتا واستخدم الاف العمال .وفتح اكثر من مائة متجر .
وباتا هي شركة عالمية تمتاز منتجاتها بالجودة والمتانة حتى أن حذاء باتا صار مضرباً للأمثال وقد أقترن مع ( الكَرته ) التي تعطى مع كل حذاء لتسهيل عملية ارتداءه وذلك لقوة جلده ، وكانت اناقتنا لاتكتمل إلا مع حذاء باتا ، وكم كان يغرينا لمعان حذاء المعلم هو يروح ويجئ داخل الصف ، عندما كانت أناقة المعلم ضرورة قصوى ، وهي لاتكتمل إلا بثلاث أشياء ( قميص من شركة الفا ..وبنطلون من كاسكا ..وحذاء من باتا ) ، وهكذا دخلت شركة باتا تواريخنا وذكرياتها من أوسع الأبواب ، بعدما كانت واجهاتها الزجاجية الفخمة وأتكيت الأستقبال تغري المتأنقون .أما الفقراء فلم يكن لهم مع باتا ومنتجاتها حظ ومودة ،فقد كان الحذاء البلاستكي ( والنعال ) أبو الأصبع مهيمن على اقدامنا حتى في أيام ( الجِحيل ) وتعني الأيام الأكثر برودة. وكانت كل الشركات تعلن تنزيلاتها الموسمية إلا شركة باتا ،فقد كان لحذائها عنجهية ( ابو ناجي ) وهو مايطلق على المستعمر ، لأنها متأكدة من جودة بضاعتها وحاجة المتأنقين والبخلاء اليها لأن حذاءها ( يَكُدْ ) أي يعمر لسنوات. لهذا كان الصحفي العراقي الشهير ( حبزبوز) يقول ايام الملكية :مجلس النواب لايفتتح جلساته إلا على وقع احذية باتا. وأن تغير الأمر في عصر العولمة فصارت المؤتمرات الصحفية لاتنعقد إلا على وقع احذية باتا ، كما حدث في المؤتمر الأخير للرئيس بوش في زيارته الوداعية للعراق ..وياله من وداع وليته لم يتم ..!ربما يتذكر الناس كيف كان حذاء باتا يملأ نشرات الأخبار في بعض المناسبات ، ودائما يرتبط بفضيحة وبقصة مدهشة ولكن ليس مثل قصة حذاء السندريلا ..لأن في حكاية السندريلا يرتبط الحذاء بقصة رومانسية وعشق مامثله عشق ..ولكن الأمر مختلف مع حذاء باتا ، فلقد كان خروتشوف الرئيس الروسي السابق يوصي دائماً على حذاء باتا ، وكانت قدماه فخمتان ولذلك كان قياسه ( 44 ) ، وكان يمزح دائماً أن هذا الحذاء المتين مثل السلاح الشخصي له فائدة كبيرة غير حماية الأقدام من الصقيع الروسي ، ولم يكن مستشاروه يتوقعون أن يستخدمه خروتشوف ليسكت فيه العالم كله يوم ضربه على منصة الامم المتحدة بعد أن شعر بأن ثمة ضوضاء في القاعة عندما كان يلقي خطابه في فورة الصراع الروسي الامريكي أيام أزمة الصواريخ التي نصبها الروس على الاراضي الكوبية بعد عملية خليج الخنازير ، وقد استخدم خروتشوف الحذاء لأنه لم يكن يمتلك مطرقة القضاة ليُسكت فيها الجالسين ، وهكذا دخلت باتا اوسع ابواب السياسة وصار بريقها يلمع مع بريق الحروب النووية ، ولم يكن العالم ينتظر حدثا مشابها فلقد تغيرت اشكال الاحتجاج والتهدئة ورد الفعل ، إذ حل البيض الفاسد والبطاطا والخضار محل حذاء باتا في محاولة البعض الاستنكار بوجه المسؤولين ،وكان جميع من يرمى بالبيض الفاسد من وزراء ورؤوساء ،لايفعلون شيئا سوى اخراج مناديلهم البيض ومسح بدلاتهم ويمر الامر بهدوء ، فالديمقراطية تبيح في فورتها مثل هكذا عنفوان .لكن مشهد حذاء باتا تكرر ثانية وبذات الصورة العاصفة التي فعلها المرحوم خروتشوف عندما رمى صحفي عراقي الرئيس بوش في مؤتمره الصحفي في العراق وقال له : خذ هذه هدية الوداع الأخير.
2010/11/05
جراح سودانية وشجون مصرية..منار الشوربجي
دعيت الأسبوع الماضى لمحاضرة ألقاها السيد الصادق المهدى، رئيس وزراء السودان الأسبق بالمجلس المصرى للعلاقات الخارجية. وقد تناول الضيف السودانى الوضع الراهن فى بلاده والذى وصفه بأنه يمثل «مفترق طرق بين نعيم ممكن وجحيم محتمل». فهو تحدث تحديدا عن الاستفتاء المزمع إجراؤه فى يناير القادم وفق اتفاق نيفاشا الذى أبرم فى ٢٠٠٥.وهو الاتفاق الذى اعتمد فترة انتقالية مدتها ست سنوات تقودها حكومة وحدة وطنية يتبعها استفتاء يقرر فيه الجنوبيون مصيرهم، إما بالاستمرار فى الدولة الموحدة أو بالانفصال. وكانت الفكرة الجوهرية التى دارت حولها كلمة السيد المهدى هى أن الاستفتاء، الذى صار التزاما يتحتم الوفاء به، إذا لم يكن حرا ونزيها فإنه قد يؤدى لمزيد من تعقيد مستقبل السودان.فنزاهة الاستفتاء من شأنها أن تسمح بمعالجة القضايا الخلافية بالتراضى سواء فى دولة موحدة أو دولتين منفصلتين، بينما يؤدى الاستفتاء المطعون فى شرعيته إلى تعقيد الأمور وفتح الباب على مصراعيه لجحيم الاقتتال. وأعرب المتحدث عن قلقه من أن أطرافا دولية، على رأسها الولايات المتحدة ليست معنية بنزاهة الاستفتاء بقدر اهتمامها بإجرائه فى موعده مهما كانت النتائج ودون النظر إلى مايؤدى إليه ذلك من مزيد من تسميم العلاقة ليس فقط بين الشمال والجنوب وإنما داخل الجنوب نفسه.والحقيقة أننى كنت أستمع للمحاضرة وقلبى مع أشقائنا السودانيين بينما عقلى منشغل بمصر. كنت أشعر بمرارة مصدرها سؤال هيمن على تفكيرى وأنا أستمع للسيد الصادق المهدى. هل فعلا جاء اليوم الذى صار فيه من الممكن أن يلقى أحد محاضرة رصينة يتناول فيها الشأن السودانى بأبعاده المختلفة وأدوار الأطراف الدولية الفاعلة، دون أن يأتى ذكر مصر ولو مرة واحدة؟ وإذا كان ذلك ممكنا فما دلالته بالنسبة لأمن مصر القومى؟فمنذ أن كنا طلابا فى المرحلة الجامعية نتعلم مبادئ علم السياسة، أدركنا أن إحدى المسائل التى لايختلف عليها اثنان من كبار أساتذة العلوم السياسية هى أن السودان، فضلا عن روابط الدم والتاريخ، يرتبط بشكل مباشر بالأمن القومى المصرى. ومن ثم ترسخت فى وعينا الأهمية القصوى للعلاقات بين البلدين.ومعنى ذلك أن من دواعى الأمن القومى لبلادى أن تكون مصر حاضرة بقوة فى كل التفاعلات المهمة التى تتعلق بالسودان ومستقبله، ليس بمنطق الهيمنة وفرض الإرادة المصرية وإنما بمنطق المصالح المشتركة والإسهام الفعال النزيه القائم على احترام إرادة السودانيين باعتبار ذلك الاحترام هو وحده المفتاح لاحترام أبناء السودان للمصلحة الحيوية المصرية.وغياب مصر من مضمون محاضرة الصادق المهدى هو مجرد انعكاس كاشف للواقع وليس منشئا له. فلا أحد يستطيع أن يتجاهل أدوار الأطراف المؤثرة. فأنت سواء قبلت أو رفضت الدور الأمريكى فى السودان لا يمكنك الحديث عما يجرى هناك دون أن تتطرق لذلك الدور المحورى. وغياب مصر من محاضرة عن السودان أبلغ من أى كلام. فمصر فعلا غابت لسنوات طويلة عن تفاعلات رئيسية شكلت مستقبل السودان.وإذا أخذنا المحاضرة باعتبارها ذات دلالة رمزية على دور مصر أو غيابها، تصبح المفارقة أيضا هى السياقات التى ذكرت فيها مصر سواء فى كلمة الضيف السودانى أو فى تعليقات الحاضرين وأسئلتهم. فبعد أن غابت مصر من كلمته أنهى الصادق المهدى حديثه بالإشارة إلى الدور «العربى» المطلوب فى المرحلة القادمة. والمعنى واضح ولا يحتاج لتعليق، إذ لم يعد هناك ما يميز دور مصر عن باقى الدول العربية!وحين فتح الباب للنقاش جاء ذكر مصر مرتين أولاهما حين وجه أحد الحاضرين سؤالا للمتحدث عن أسباب ما وصفه باستبعاد مصر من مجريات الأمور فى السودان، فأجاب رئيس الوزراء السودانى السابق بأن مصر اختارت الابتعاد ولم تستبعد.فحين انخرطت أمريكا بقوة بعد طرح الجنوبيين لفكرة تقرير المصير منذ عام ١٩٩٣ كان الأمريكيون يرغبون فى دور فاعل لكل من مصر وكينيا. لكن مصر رفضت لأنها كانت ضد فكرة تقرير المصير من الأساس.والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو أيهما كان الأفضل بالنسبة لمصر، أن تشارك بقوة وتبحث عن الأدوات والموارد التى تجعل من الوحدة بديلا جاذبا للجنوبيين أم تترك الأمر برمته لأطراف دولية أخرى لها مصالحها بطبيعة الحال؟بعبارة أخرى، غياب مصر لم يمنع بحال المضى قدما فى تكريس فكرة تقرير المصير وتحويلها لواقع.أما المرة الثانية التى ذكرت فيها مصر فكانت أيضا فى مجال الرد على سؤال تعلق بالموقف الأمريكى، فتمنى السيد الصادق المهدى أن تعمل مصر على إقناع أمريكا بشأن الإعداد للاستفتاء.وهو ارتأى أن مصر يمكنها أن تسهم فى إجراء استفتاء نزيه لا عبر التدخل لدى الجنوبيين الذين لا يثقون فى حياد مصر وإنما لدى الولايات المتحدة الأمريكية.كل تلك المعانى التى هى أبلغ من أى تعليق تثير الشجون بالقطع ولكنها أيضا تطرح أسئلة كثيرة حول النشاط المصرى المكثف هذه الأيام بخصوص السودان ومدى فاعليته. هل هو نشاط بعد فوات الأوان هدفه فقط تقليل الضرر الذى قد يلحق بأمن مصر القومى أم أن هناك فعلا ما يمكن إنقاذه؟ سؤال أرجو أن نجد إجابة صريحة عنه. فالسياسة المصرية تجاه السودان تمس كل مصرى ومن حقنا أن نطلع على ما يتم بخصوصها من مصادر مصرية وهو أضعف الإيمان.
2010/11/03
وجاء الخريف/سلامة احمد سلامة
فى بلادنا يتحول الصيف إلى عبء ثقيل، حين تتضافر حرارة الجو وقيظ الشمس مع ما تعج به العشوائيات والشوارع والكفور من القمامة ومخلفات المجارى وطفح المياه لتجعل معظم المدن والأحياء فى مصر صورة من صور الخراب الذى تلحقه الزلازل والفيضانات بالبلاد الأخرى!
وفى كل صيف لابد أن تشهد مصر هجمة وبائية لفيروس من الفيروسات.. ان لم تكن إنفلونزا الطيور فإنفلونزا الخنازير التى أعلن رسميا أنها صارت من الأمراض المتوطنة فى مصر. وفى هذه السنة جاءت «الملتحمة» إلى عيون الأطفال والكبار من حيث لا يدرى أحد.. إلا أنها نتيجة طبيعية لدرجة هائلة من التلوث الذى نتنفسه ونعيش عليه، وتغذيه السحابة السوداء بأطنان من الدخان والغبار وتلوث المياه التى يجرى خلطها بالصرف الصحى!
هل أضحت مصر بذلك أحد أكثر الدول تلوثا وقذارة فى العالم؟ وهل فقدت الطبيعة فى بلادنا جمالها وبكارتها، وانطفأ سحر الريف الذى كان فى وقت من الأوقات مصدرا للإلهام ونبعا للعطاء والشعور بالرضا والقناعة؟ ولماذا ضاع الإحساس بالجمال فى بلد خلدت حضارته فنون الجمال وأقامت المعابد والأهرامات احتفاء بروعة الطبيعة وبقدرة الإنسان على التشييد والبناء والإيمان بالخلود؟!
تخطر فى ذهنى وتعبر خيالى مثل هذه الأفكار كلما وجدت نفسى خارج القاهرة، بعيدا عن أجوائها المفعمة بالعوادم، وعن زحام شوارعها والفوضى والعشوائية التى تميز إيقاع الحياة فيها.. فتجثم فوق عقل الإنسان وروحه، لتجعله أبطأ حركة وفهما وعزوفا عن المشاركة فى أى شىء، بل وعن التفكير السليم. وهو ما ينعكس بغير شك على قرارات المسئولين وسياساتهم المتضاربة. ولو سألتنى عن سبب الفشل الذى تمنى به الدول التى تصنف على أنها «دول فاشلة» لقلت لك إن جانبا كبيرا من الأسباب يرجع إلى فساد البيئة.
لا يشعر المصريون بفصول السنة وتغيراتها ولا يحتفلون بها كما تحتفل بها بعض شعوب العالم. فقد كان فيضان النيل فى شهور الصيف هو التغير البيئى الوحيد الحاسم فى حياتهم، باعتباره مصدر الخير والخصب والنماء.. أن يفيض النيل أو يغيض تلك كانت قضية حياتهم التى ارتبطت بكل شىء.. وحين كف النيل عن الفيضان ونجح الإنسان فى ترويضه، نزح الناس فى شهور الصيف إلى الشواطئ التى أصبحت مسرحا للاحتفال بالحياة ومباهجها، ومهرجانا سنويا للانفلات من أسر العادة والروتين اليومى.
الفقراء يؤثرون الصيف والأغنياء يرحبون بالخريف. فخيمة الصيف لا تحتاج إلى فراش أو غطاء، وهى بالنسبة لأهالى العشوائيات ومدن الصفيح من الفقراء والمعدمين خير ملجأ وملاذ. وحين يأتى الخريف فإنه يمسح أوزار الصيف وعرق الحر. ويعيد توزيع الألوان والأضواء على الأشجار والأغصان والزهور، بعد أن يسقط الأوراق الذابلة القديمة، ويدفن بذور الخصب فى رحم الطبيعة خوفا من برد الشتاء وتقلباته.. إلى أن يحين موعد بعثها مع الربيع من جديد.
حتى فى الطبيعة يظل القانون السرمدى هو التداول والتغيير: تداول الصيف والخريف، والشتاء والربيع، والحر والبارد، والخصب والجدب. وحين تنضو الطبيعة أثوابها يخلع الإنسان عن عقله وروحه كثيرا من القشور الزائفة والمظاهر الخادعة!!!
2010/10/29
هؤلاء الشرفاء المحترمون..فهمي هويدي
الحكم الذى صدر ببطلان وجود رجال الشرطة فى الحرم الجامعى يطمئننا إلى ان المجتمع المصرى لايزال يحتفظ ببعض عافيته، وان جهود التفكيك والاجهاض والانهاك فشلت فى إخصاء المجتمع واستسلامه. ذلك ان الحكم والقضية برمتها كشفت عن أمرين مهمين هما:● انه مازالت فى مصر كتيبة من المثقفين المحترمين والشجعان، الغيورين على الدفاع عن المجتمع ومصالحه العليا. وهم ينتمون إلى أرض هذا البلد وناسه وحلمه، ولأنهم كذلك فقد عزفوا عن الاتجار بالسياسة ونأوا بأنفسهم عن ألاعيبها، ولم ينخرطوا فى أى من الأحزاب المصطنعة التى أصبحت تستمد قوتها ووجودها من رضاء السلطة عليها والصفقات التى تعقدها معها. هم ليسوا معروضين للبيع، شأنهم شأن غيرهم من المثقفين الذين استجابوا للغواية وضعفوا أمام المناصب والوجاهات، فتحولوا إلى مهرجين وحواة، واختاروا ان يكونوا ابواقا للسلطة وقطعا من الديكور الذى يجملها، بعدما تخلوا عن ضمير المجتمع وباعوه فى أول منعطف، هؤلاء المثقفون المحترمون الشجعان ــ الرجال منهم والنساء ــ هم الذين طعنوا فى وجود الحرس التابع لوزارة الداخلية داخل الحرم الجامعى، وهم الذين طعنوا فى فرض الحراسة على النقابات المهنية. وهم الذين طلبوا فسخ عقد «مدينتى» لما شابه من فساد وتواطؤ، وهم الذين وقفوا ضد بيع وحدات القطاع العام، وهم الذين طلبوا وقف تصدير الغاز لإسرائيل. ورفعوا قضايا طالبت بفتح معبر رفح وازالة الجدار الذى اقيم بين مصر وقطاع غزة.. الخ.● الأمر الثانى الذى لا يقل أهمية، هو ان تلك المبادرات ما كان لها ان تحفظ لنا جذوة الأمل، لولا ذلك الرهط من القضاة المحترمين بدورهم والشجعان، الذين تمتعوا بالنزاهة والغيرة والشجاعة، غير مبالين بغوايات السلطة واهوائها ــ ولأنهم نصبوا انفسهم حماة لمصالح الوطن وحراسا للحق والعدل، فإنهم أصدروا تلك الأحكام المنيرة التى ردت إلينا الروح وانتشلتنا من هوة الاحباط واليأس.ورغم ان الأحكام التى صدرت عن الإدارية العليا احتلت الواجهات لان اخطاء الحكومة كثيرة وجسيمة والقضاء الإدارى هو المختص بها، فاننا لا نستطيع أن نغفل أحكام القضاء العادى فى قضايا أخرى عديدة، أبرزها حكمه فى قضايا التعذيب، واحدثها الحكم على السفير الإسرائيلى فى مصر بدفع تعويض قدره عشرة ملايين دولار لأسرة جندى مصرى من المحلة الكبرى قتلته دبابة إسرائيلية عمدا مع اثنين من زملائه على الحدود مع قطاع غزة.ولا تحسبن ان استقامة القاضى واستقلاله وعدم اكتراثه بحسابات السلطة وغواياتها بالأمر السهل فى هذا الزمن، لان امثال هؤلاء القابضين على جمر النزاهة يدفعون ثمن موقفهم ذاك. لان غيرهم من «المتجاوبين» و«المتعاونين» لهم حظوظهم من المكافآت وعطايا السلطة، التى لا تبخل عليهم بالتعيين فى وظائف المحافظين والاستشاريين وأعضاء مجلس الشورى. فى حين يحال الأولون إلى التقاعد فى صمت لكى يغرقوا فى بحر النسيان بمضى الوقت.حفاوتنا بحكم «طرد» الحرس من الجامعات لا ينبغى ان تنسينا اننا بصدد رحلة طويلة وشاقة. لان قدرة السلطة على العناد والالتفاف لا حدود لها. فقضية بطلان الحرس الجامعى مثلا منظورة أمام المحاكم الإدارية منذ سنتين. وقد ظلت وزارة الداخلية تراوغ وتستشكل فيها حتى أوصلتها إلى المحكمة العليا التى حسمت الأمر أخيرا. ورغم ذلك فلن تعدم الأجهزة الأمنية سبيلا إلى بسط نفوذها وهيمنتها على الجامعات، خصوصا بعدما أصبحت تتحكم فى تعيين المديرين والعمداء والوكلاء، حتى ان بعضهم صاروا من رجالها. ولا أستبعد ان يصبح إلغاء الحرس مماثلا لإلغاء الرقابة على الصحف. حيث سحب الرقباء واستبدلوا برؤساء للتحرير ومديرين صاروا أكثر شدة وغلوا من الرقباء. صحيح ان المشكلة أكبر من حكم المحكمة، لكن يكفينا ان أولئك الشرفاء قاموا بما عليهم، واعطونا أملا فى المستقبل
2010/10/26
الآلهة الحية كوماري
طريقه اختيار كوماري
ولكن من هي كوماري؟ وكيف يتم اختيارها؟ يجب أن تكون من قبائل الساكية المشهورة بصناعة الذهب وهم السكان الأصليون للعاصمة كاتماندو، وكان المئات من الأهالي في السابق يتجمعون خلال فترة البحث عن طفلة ما بين السنتين والخمس سنوات، إذ تُعد عملية اختيار الطفلة شرفاً كبيراً لعائلتها، وقد تكون طفلة إحدى أمهاتها عاملات في الحقول، أو ربما من داخل دور الحضانة، ويجب أن تتطابق الطفلة في مظهرها الخارجي مع المواصفات الاثنين وثلاثين، ومنها أن تنتمي إلى أسرة ذات سمعة جيدة جسمها مثل شجرة البنيان، ساقيها مثل الغزال، الخدود مثل الأسود، الشعر والعينين سوداوين، الصوت رقيق مخملي، وفوق كل ذلك يجب أن ينطبق فلكها مع ملك البلاد.مملكة النيبال المملكة الهندوسية الوحيدة في العالم وحيث الأغلبية من الهندوس وهناك أقلية بوذية ومسلمة.راميش براساد باندي (الراهب الملكي الكبير): علينا أن نختار الطفلة من قبيلة ساكيا البوذية، ويعود ذلك للقرن الحادي عشر عندما أصبحت هذه الآلهة تاليجو وكوماري المتقمصة بروحهما معاً الإلهتين للتعبد في النيبال جانب من المعبد للإلهة تاليجو والجانب الآخر بدأ بعبادة كوماري، وهذه هي تقاليدنا وأعرافنا.وائل عواد: ولدى الهندوس النيبال عادات وتقاليد تختلف عن الهندوس في شبه القارة الهندية، فعلى سبيل المثال الإلهة كوماري غير متبعة في الهند، واختلفت الروايات حول أصولها لكنها تمارس لقرون من الزمن وعلى نطاق واسع، وهناك عدة قبائل نيبالية تتبع نفس الإجراءات في اختيار الإلهة كوماري، وإخضاع الطفلة لتجارب مروعة وطقوس دينية مستهجنة، قبل أن تستقر روح الإلهة تاليجو بداخلها.شابماليا أماتيا (مؤرخ): إنها تضحية كبرى أن تقدم ابنتك لتصبح كوماري وهي لا تتجاوز الخامسة أو السادسة من عمرها عليها، أن تترك أهلها لتعيش في منزل مقدس لوحدها، إنها ليست بالعملية السهلة إنها تضحية كبرى. وتُجرى طقوس هندوسية مقدسة، لا يسمح لأحد بمشاهدتها سوى الرهبان وخلال هذه الطقوس للإله الهندوسي يتم التضحية بالعديد من الجواميس والخراف، وتوضع الرؤوس المقطوعة للحيوانات في غرفة مظلمة لا ينيرها سوى ضوء خافت من قنديل زيت، ويتم وضع الطفلة في هذه الغرفة طوال الليل، وتُرفض إذا بكت أو رجفت أو نامت أو امتنعت عن الدخول، ولكن إذا دخلت وصلت أو رقصت أو قامت بأي عمل آخر فإنها تظهر المزايا الخاصة من إلهة تليجو المجسدة بالطفلة الجديدة كوماري.مانا باندي (زوجة الراهب الملكي الكبير): علي أن أتفحص جميع المواصفات الفيزيائية للطفلة التي يقع الاختيار عليها وعلي أن أكون متأكدة من خلوها من العيوب وبصحة جيدة، ويجب أن تكون خليقة وعفيفة وأن ننظر إلى عقلها وفكرها.وائل عواد: ويتم الإعلان من قبل الرهبان أنه تم وقع الخيار على الطفلة الجديدة، ويعلن ملك البلاد النبأ السار على الشعب حيث تعم الفرحة والبهجة، وتُنقل كوماري إلى منزلها الجديد لاستقبال المتعبدين، وتصبح الطفلة ملكاً للشعب النيبالي يتطلعون إلى رؤيتها ومباركتها، وعمد الملك السابق برندرا على القيام باستعراض شعبي ويقوم هو شخصياً بزيارتها في منزلها ليركع أمامها ويحظى بمباركتها أيضاً، واستمر الملك الحالي على النهج ذاته حيث يتجمع الأهالي والسياح لمشاهدة هذا الاستعراض الديني التقليدي خاصة في الأعياد والمهرجانات الهندوسية، حيث يسمح لكوماري بالخروج من منزلها محمولة في عربة خاصة تجر شوارع العاصمة الضيقة لتعود إلى منزلها، وتطل من الشرفة النافذة الوحيدة لها على العالم حيث تبقى حبيسة المنزل طيلة أيام السنة لا ترى نور الشمس ولا يحق لها الاختلاط مع من تشاء.وائل عواد: فاصل قصير ثم نعود إليكم لمتابعة هذه الحلقة ابقوا مع العربية.[فاصل إعلاني]
كوماري حرمت من طفولتها ورعاية ذويها وتحظى بعبادة شعب كامل
كوماري طفلة كوفئت بعبادة شعب كامل، لكنها حُرمت من طفولتها ورعاية ذويها، يشرف على تربيتها أناس غرباء يقومون بتدريبها على أسلوب حياة جديدة، وطقوس دينية تقليدية يومية، والمرحلة الأصعب هي عملية وضع المكياج وتلبيسها هذه المجوهرات الثقيلة التي تزن أكثر من ثماني كيلو غرامات، وعليها أن تلبسها طيلة ساعات النهار لاستقبال الزوار بزيها الحريري الأحمر، وبعينين سوداوين مكحلتين بكثافة، وعلى جبينها عين ثالثة مرسومة، وكل قطعة من هذه المجوهرات لها دلالاتها الدينية كي ترتقي كوماري إلى مكانة الآلهة، وأهم هذه القطع الناك سترا وفور أن ترتديها حسب الرواية فإن روح الإلهة تدخل جسدها وتصبح هادئة ولا تتحدث على الإطلاق.شابماليا أماتيا (مؤرخ): هذه المجوهرات صنعت خصيصاً للكوماري ولا يجوز للعامة أن يتزينون بها، ولكل قطعة من هذه المجوهرات لها قوة خاصة.وائل عواد: وعليك أن تقرأ تعابير وجهها وحركاتها وإيماءاتها فقط، حياة كوماري مقدسة ومؤقتة حتى بلوغها سن الرشد، أو في حال تعرضها لخدش أو نزيف فإنها تفقد ألوهيتها وتعود مواطنة عادية، ومن ثم تمارس الطقوس الهندوسية الجديدة من جديد لاختيار البديلة التي ستستقر فيها روح الإلهة تاليجو، لكن هذا السقوط الفجائي من القمة إلى الهاوية ليس وقعه بالأمر السهل على الطفلة، والبعض منهن يرفضن حتى فكرة التخلي عن كوماري خاصة بعض قبائل الباتان، فهذه كوماري قاربت على الخمسين عاماً، قاربت على الخمسين عاماً وما زالت متربعة على هذه الكرسي، وخلال مراقبة دقيقة لمظهرها الخارجي بإمكانك أن تلاحظ أن هيكلها العظمي ومظهرها تأقلم مع هذه الكرسي التي تجلس بداخلها لأكثر من سبعة وأربعين عاماً، فقد اختيرت كوماري عندما كان عمرها سنتين فقط، وما زال أبناء القبيلة يترددون على منزلها لعبادتها وطاعتها علماً أن هناك طفلة كوماري للقبيلة تم اختيارها حسب الطقوس الهندوسية التقليدية.شابماليا أماتيا (مؤرخ): طالما أن أهالي قبيلة باتان يؤمنون بأنها ما زالت كوماري فليفعلوها ذلك، ولكن إذا سألتني عن وجهة نظري فأعتقد أنه يجب أن يتوقفوا عن عبادة كوماري المسنة لأنها تجاوزت السن المطلوب للإلهة كوماري.وائل عواد: بعض القبائل تحتفظ بالإلهة كوماري في منزل ذويها حيث يسمح لها بالاختلاط مع أهلها واستقبال المتعبدين في غرفة خاصة، كثيرون منهم طالبين حلاً لمشاكلهم اليومية وتحسين مستوى حياتهم المعيشية في بلد فقيرة يبلغ تعداد سكانها 23 مليون نسمة، وهناك اعتقادات قديمة أن مصير البلاد مرتبط بتصرفاتها وحركات وجهها ويديها، وهذه الحركات كافية لتغيير مسار الحياة في المملكة، فإذا غضبت كوماري لم تمطر السماء، وقطرة دمع من عينيها تسمى فيضانات، وإن اهتزت فقط أغضبت الملك، وإن لم تتحرك ساكناً فلا داعي للقلق.- هناك هندوسية في النيبال والهند ولكن الكوماري فقط في النيبال، وهناك اثنتان واحدة ملكية والأخرى هذه لأهل الباتان، ونحن نؤمن بهذه الكوماري ونؤدي لها الصلوات والطقوس في جميع المناسبات.وائل عواد: وتقول إحدى الروايات أن أحد الملوك مات عندما نامت الإلهة كوماري وهي تجالسه، ولذلك فإن عملية اختيار الإلهة كوماري معقدة ودقيقة، وفشلت جميع محاولاتي في إقناع كوماري بالحديث معي، لكنها اكتفت بالإيماء والابتسامة البريئة وإلا لكنت قد مرضت في كاتماندو، وعندما طلبت من والدتها أن تجولها في المنزل أو تأخذنا إلى غرفة العبادة أو تسمح لها باللعب مع أخويها رفضت ولم تتجرأ على الطلب، وقالت كيف أتجرأ أن أطلب من الآلهة أن تقوم بأي عمل، وغادرنا المنزل بعد أن دفعنا مبلغاً من المال للسماح لنا بهذه الزيارة وكي نحظى بالمباركة أيضاً، وعدنا أدراجنا نتجول في شوارع العاصمة كاتماندو التي تذب فيها الحياة، هذه المدينة المليئة بالكنوز التاريخية التي لا تقدر بثمن، وصنفتها الأمم المتحدة من ضمن المواقع الأثرية الواجب الحفاظ عليها والعناية بها. الشعب النيبالي بطبيعته مسالم ومتدين ويؤدي طقوسه الدينية كل حسب عاداته وتقاليده، والبوذيين هنا أيضاً ناشطون، والكوماري هي أيضاً من قبيلة بوذية ولذلك يتعبدها الهندوس والبوذيون على حد سواء، وخصصت الحكومة النيبالية في الآونة الأخيرة مبلغاً من المال للطفلة كوماري لما تواجهه من صعوبات بعد عودتها لممارسة حياتها الطبيعية.راميس براساد باندي (الراهب الملكي الكبير): لقد بدأنا بدفع راتبنا شهرياً للكوماري وهو عبارة عن مبلغ حوالي 80 دولار شهرياً و30 دولار للدراسة، ولا يبقى لكوماري سوى الذكريات من الصور للاحتفاظ بها بعد عودتها لحياتها الطبيعية، وتأهيلها من جديد للعيش مع ذويها الذين حرمت منهم سنين طفولتها مثل أميتا التي بقيت على عرش كوماري تسع سنوات متواصلة، وكانت مرتبكة وخجولة أثناء حديثها معنا، لكنها سرعان ما فتحت لنا قلبها.أميتا (كوماري سابقة): كنت أبدأ اليوم من الثامنة صباحاً بعد أن يتم وضع اللباس، ومن ثم يأتي المتعبدين من الساعة التاسعة حتى غياب الشمس، وبعدها أعود إلى غرفتي وأقضي معظم وقتي.وائل عواد: واستطاع والديها إقناع الملك بالموافقة على تدريسها أثناء قداستها، لأن الملك كان يرفض في السابق بحجة أن الآلهة لا تحتاج إلى التعليم.أميت (والد كوماري السابقة): إنها ابنتي ولسنوات أطفالي لا يدركون أين ذهبت ولكن فيما بعد علموا، وسألني ابني متى ستعود أختي إلى بيتنا؟ قلت له بعد 8 سنوات.وائل عواد: وتبقى جاهلة طيلة حياتها وتتذكر تلك الأيام المريرة، الآن أميتا طليقة وحرة بتصرفاتها، تصاحب من تشاء وتلعب مع من تشاء، تعيش أميتا طفولة متأخرة بالتأكيد برعاية والديها وأخويها.أميت (والد كوماري السابقة): لقد كنت أفتقدها كثيراً وفي معظم الأحيان في البيت في السوق في السيارة، كيف لي أن أنسى ابنتي؟ إنها ابنتي لقد بقيت كوماري لتسع سنوات لقد كانت مدة طويلة.وائل عواد: أميتا الآن تتجرأ على الخروج من منزلها، وتعودت على تسريح شعرها بنفسها، وبعد ذلك أيضاً التحقت في الجامعة وأصبحت الآن تقوم بشراء حاجياتها بكل ثقة، ويكّن لها سكان الحي الاحترام لأنهم يعرفون أنها كانت كوماري، وذهبوا مرات عديدة إلى المعبد للحصول على مباركتها.أميتا (كوماري سابقة): أريد أن أنهي دراسة أريد أن أعمل وأحسن من حياتنا المعيشية وأعتقد بأنني قادرة على ذلك.وائل عواد: وحسب العادات القديمة هنا فإنه لا يجوز التزوج من كوماري لأن ذلك يؤدي إلى الموت، لذلك تبقى كوماري عانس، بيد أن هذا الاعتقاد تغير وأميتا تطمح بتكميل تعليمها الجامعي وتحسين ظروف حياتها. راشميلا كانت أيضاً كوماري ملكية والآن تعارك الحياة للتأقلم والدراسة والقيام بالواجبات المنزلية في غرفة هادئة، ربما هذا السكوت يذكرها بتلك الساعات الطوال التي قضتها لوحدها بين أربعة جدران، ويصعب علينا قراءة بنات أفكارها وكيف تتطلع إلى مستقبلها.راشميلا (كوماري سابقة): لقد شعرت بخيبة أمل عندما انتهيت من دور الإلهة كوماري، ولم أكن أعرف كيف أمشي أو أخرج على الشارع أو التحدث إلى الناس، حيث لم يكن يسمح لي بذلك لقد واجهت الكثير من الصعوبات حتى استطعت الوقوف على قدمي وممارسة حياتي الطبيعية.شابماليا أماتيا (مؤرخ): بالتأكيد العدد يتقلص من الأهالي الذين يرغبون بتقديم طفلتهم لتصبح كوماري، وكما قلت لك فقد أصبحت هناك فرص كثير للعمل والدراسة وغيرها، وبالتالي فإن هذا العدد من الأهالي المتحمسين سينخفض بالتأكيد.وائل عواد: تساؤلات عدة تطرحها حياة العبودية هذه وحرمان الطفلة من اختيار حقها الطبيعي في النمو والرعاية والأمومة، فهي لا تذهب إلى المدرسة ولا تلعب مع زميلاتها، وهذه اللقطات نادرة لكوماري وهي تلعب لوحدها إذ لا يسمح لأحد بتصويرها، وتبقى كوماري جليسة البيت وحيدة، بينما يذهب إخوتها إلى المدرسة واللعب مع من يشاءون ومصاحبة ومشاجرة من يشاءون، وهي يجب ألا تتعرض لخدش أو ندب أو ترى النور إلا في المناسبات الدينية، ستبقى كوماري رهينة المنزل تنمو مع رهبة السكون كوجه ميت شاحب وعينين غارقتين في ظلمة النزع الموحش وأشباح الظلام تطوف المنزل، فهذه البراعم تذبل في الظلام، وتفقدها ابتسامة الطفولة البريئة المسلوبة منها. هذه الظروف دفعت بمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان للتدخل ومنع هذه العادة والطقوس باعتبارها انتهاكاً لحقوق الإنسان خاصة حقوق المرأة والطفلة بشكل خاص، كم طفلة ستواجه نفس المصير لا أحد يعلم، ربما مع زوال الفقر والجهل من النيبال، ولحينه ستبقى كوماري إلهة هندوسية حية لهذه الجبال المقدسة والوادي الخصيب لمملكة النيبال، وكما يقال هنا هذه الاعتقادات ستضيع البلاد.